بحث

البطريرك الماروني: فلنصلّ من أجل خلاص لبنان وشعبه. فالصلاة بالإيمان والرجاء من القلب لا تُردّ البطريرك الماروني: فلنصلّ من أجل خلاص لبنان وشعبه. فالصلاة بالإيمان والرجاء من القلب لا تُردّ 

البطريرك الماروني: فلنصلّ من أجل خلاص لبنان وشعبه. فالصلاة بالإيمان والرجاء من القلب لا تُردّ

ترأس البطريرك الماروني الكاردينال مار بشارة بطرس الراعي القداس الإلهي الأحد الثالث عشر من حزيران يونيو في كنيسة الباحة الخارجية للصرح البطريركي في بكركي وألقى عظة بعنوان "إبتهج يسوع بالروح القدس وصلّى" (لو 10: 21).

استهل البطريرك مار بشارة بطرس الراعي عظته قائلا "عندما يفتح الإنسان قلبه للروح القدس، يبتهج ويصلّي، فالروح القدس هو معلّم الصلاة وينبوعها في كلّ ظرف من ظروف حياتنا الحلوة والمرّة. ذلك أنّه، على ما يقول بولس الرسول، "يأتي لنجدة ضعفنا، لأنّنا لا نحسن الصلاة كما يجب، لكنّ الروح يشفع لنا بأنّات لا توصف" (روم 8: 26). وفيما يعلّمنا الصلاة يعزّي قلوبنا في الحزن، ويهديها في الضياع، ويفتحها في سعادتها على الفقير والمحتاج والمظلوم". فلّما عاد تلاميذ يسوع فرحين بنجاح رسالتهم، "إبتهج يسوع بالروح القدس وصلّى شاكرًا ومُمجّدًا: أعترف لك يا أبتِ، يا ربّ السماء والأرض" (لو 10: 21). وأضاف غبطته "فيما نحتفل معًا بهذه الليتورجيا الإلهيّة، نلتمس من الله عطيّة الروح القدس لكي يعلّمنا الصلاة، ويعلّمنا على الأخص كيف نعود إلى الله لكي نحسن قراءة علامات الأزمنة في حياتنا، وفي الأحداث التي تختصّ بنا شخصيًّا. فلا تكون مجرّد أحداث حلوة أو مرّة، بل مناسبات لسماع ما يمليه الله علينا بإلهامات الروح القدس. "فكلّ شيء يؤول إلى خير الذين يتّقون الله"، على ما يقول بولس الرسول (روم 8: 28). وأشار غبطته إلى أننا "نستمدّ الصلاة من ينابيعها: من كلمة الله التي بسماعها نتعلّم الصلاة كجواب من الله الذي كلّمنا؛ من الإيمان الذي يحملنا على البحث عن الله بالصلاة؛ من الرجاء الذي يجعل من صلاتنا انتظارًا لتجلّيات الله؛ من المحبّة التي تحملنا على المثابرة فيها حبًّا لله".

ونقلا عن الموقع الإلكتروني للبطريكية المارونية، قال البطريرك الراعي في عظته "كم هو ضروريّ أن يصلّي كلّ مسؤول من أجل خلاصه الشخصيّ ومن أجل أن يحكم بالعدل والتفاني بغية تأمين الخير العام الذي منه خير كلّ مواطن وكلّ المواطنين. المسؤول الذي يصلّي يخاف دينونة الله، أمّا الذي لا يؤمن ولا يصلّي فليَخف دينونة الشعب. نقول للمسؤولين الذين يعطّلون تأليف الحكومة ونهوض الدولة: لقد عرفنا سياسة الأرض المحروقة، لكنّنا نرى في هذه الأيّام سياسة الشعب المحروق. العالم كلّه ينتظرنا لكي يتمكّن من مدّ يد المساعدة من أجل إنهاض الدولة. أمّا أنتم فغارقون في لعبة جهنميّة، في الأنانيّات والأخطاء، في سوء التقدير وسوء الحوكمة، في المحاصصة والمكاسب، وفي السير عكس أماني شعبنا... لا يكفي أن تعترفوا بعجزكم وضعف صلاحيّاتكم لتبرّروا المراوحة، وتتركوا الأزمات تتفاقم والمآسي تتعمّق والانهيار يتسارع. هذه البلاد ليست ملكيّة خاصّة لكي تسمحوا لأنفسكم بتفلسيها وتدميرها. هذه الدولة هي ملك شعبها وتاريخها وأجيالها الطالعة. أمام عدم معالجة الأمور العامّة الحياتيّة، نتساءل إذا ما كنتم مكلّفين بتدمير بلادنا، وإلا لِمَ هذا الجمود فيما فُرص المعالجة متوفّرة، ونحن في زمن فيه حلول لكلِّ شيء؟"

وتابع غبطته قائلا "إنّنا ندعو الدولة إلى التحرّك نحو الدول الشقيقة والصديقة وتتفاوض معها لمساعدة لبنان اليوم قبل الغد. فالشعب لا يحتمل مزيدًا من القهر والإذلال. الدول مستعدّة لتلبية النداء، لكنّها تفترض أن تكون الدولة دولة لبنان ودولة شعب لبنان، وشرعيّتها تَمتلك قرارها الحرّ والمستقلّ. لقد حان الوقت لخروج الدولة من لعبة المحاور الإقليميّة، وتعيد النظر بخياراتها التي أثبتت التطوّرات أنّها لا تصبّ في مصلحة البلاد والاستقلال والاستقرار والوحدة والازدهار، وأنّها قضت على علاقات لبنان العربيّة والدوليّة. لقد ضربت هذه الجماعة السياسيّة سمعة لبنان الدوليّة، فيما كان اسم لبنان رمز الإبداع والنهضة والازدهار في بلاد العرب والعالم. وندعو حكومة تصريف الأعمال لتقوم بواجباتها بحكم الدستور والقانون والضمير، فتبادر إلى توفير الغذاء والدواء والمحروقات وحليب للأطفال. أليس من أبسط واجباتها دهم مستودعات وخزّانات الاحتكار، وتوقيف شبكات التهريب المنظَّمة والمحتضَنة، وإقفال المعابر غير الشرعيّة وضبط المعابر الشرعيّة، وإقفال المتاجر ومنع غلاء الأسعار والتزوير؟

وأضاف البطريرك الراعي "رغم فداحة الأزمة، الحلول موجودة وسبل الإنقاذ متوفِّرة، لكن هناك من يَمنعون تنفيذ الحلول كما يمنعون تأليف الحكومة. هناك من يريد أن يُقفل البلاد ويتسلَّم مفاتيحه. هذه رهانات خاطئة. هذا بلد لا يُسلِّم مقاليده لأحد ولا يستسلم أمام أحد. جذوة النضال في القلوب حيّة. بلادنا تمتلك، رغم الانهيار، جميع طاقات الإنقاذ، لكنّها تحتاج إلى قيادة حكيمة وشجاعة ووطنيّة تُحبّ شعبها. وإذا لم تتوفّر هذه القيادة، فمسؤوليّة الشعب أن يَنتظم في حركة اعتراضيّة سلميّة لإحداث التغيير المطلوب، ولإستعادةِ هوّية لبنان وحياده الناشط ومكانه في منظومة الأمم، وصداقاته، والدورة الاقتصاديّة والحضاريّة العالمية، ودوره في الإبداع والسلام".

وختم البطريرك مار بشارة بطرس الراعي عظته قائلا "فلنصلّ من أجل خلاص لبنان وشعبه. فالصلاة بالإيمان والرجاء من القلب لا تُردّ. ولنرفع في كلّ حال آيات الشكر والتسبيح للثالوث القدّوس، الآب والإبن والروح القدس الآن وإلى الأبد، آمين."

14 يونيو 2021, 12:39