بحث

البطريرك الماروني: لا نقبل بتاتًا أن تُمعن الجماعة السياسية في قهر الناس وذبح الوطن البطريرك الماروني: لا نقبل بتاتًا أن تُمعن الجماعة السياسية في قهر الناس وذبح الوطن  

البطريرك الماروني: لا نقبل بتاتًا أن تُمعن الجماعة السياسية في قهر الناس وذبح الوطن

ترأس البطريرك الماروني الكاردينال مار بشارة بطرس الراعي القداس الإلهي الأحد السادس عشر من أيار مايو في كنيسة الصرح البطريركي في بكركي، وألقى عظة بعنوان "الآن مُجّد إبن الإنسان، ومُجّد الله فيه" (يو 13: 31).

استهل البطريرك مار بشارة بطرس الراعي عظته قائلا "خرج يهوذا الإسخريوطيّ من ذاك العشاء الفصحيّ الأخير، ليسلم يسوع للآلام والموت. فاعتبرها يسوع ساعته الأخيرة التي يبلغ فيها ذروة المحبّة، ويكتمل مجده كإبن للإنسان ومجد الله. فقال: "الآن مُجّد إبن الإنسان، ومُجّد الله فيه" (يو 13: 31). في هذا السياق، أعلن يسوع لتلاميذه وصيّته الجديدة: "أحبّوا بعضكم بعضًا، كما أنا أحببتكم" (يو 13: 34). وأرادها في العالم علامة فارقة للتلمذة له (راجع يو 13: 35). فضيلتان نلتمسهما اليوم من كلام الربّ يسوع: التفاني في بذل الذات الذي يشركنا في المجد الإلهيّ، والمحبّة لكلّ إنسان التي تشهد لمحبّة المسيح وتجتذب إليه". هذا ونقلا عن الموقع الإلكتروني للبطريركية المارونية، أشار البطريرك الراعي إلى الاحتفال بعيد سيدة الزروع في الخامس عشر من أيار مايو، وتابع عظته مطالبًا الدولة بدعم القطاع الزراعي "لكونه قطاعًا أساسيًّا في الاقتصاد الوطني، وإعادة النظر بالاتفاقيات بهدف فتح الاسواق امام الانتاج الزراعيّ اللبناني، وتحسين سبل عيش المزارعين والمنتجين، وزيادة الطاقة الانتاجيّة وتعزيز قدرتها التنافسية بالشكل العلميّ".

وبالعودة إلى إنجيل هذا الأحد، قال البطريرك مار بشارة بطرس الراعي في عظته "نفهم أنّ كلّ إنسان مدعوّ لتمجيد الله بإتمام إرادته بفعل إيمان وطاعة، ولعيش وصيّة المحبّة تجاه كلّ إنسان. إنّه بذلك يساهم في تحقيق تصميم الحبّ الإلهيّ، والله يشركه في مجده. ما جعل القدّيس إيريناوس يقول: "مجد الله الإنسان الحيّ"، وأضاف غبطته "كم نتمنّى لو أنّ المسؤولين السياسيّين عندنا يدركون، عظمة مسؤوليّاتهم التي تشكّل فرصة فريدة لتمجيد الله بتأمين الخير العام، وبإتاحة الفرص لكلّ مواطن كي يحقّق ذاته، وبالتعبير في الأفعال عن محبّتهم للمواطنين. ولكنّنا نشهد بكلّ أسف، المزيد من الانهيار الاقتصاديّ والماليّ والمعيشيّ والاجتماعيّ، والغلاء الفاحش في السلع والأدوية حتى فقدان هذه الأخيرة، والتهريب والجشع والاحتكار، ولا سلطة إجرائيّة، ولا قضاء ولا مؤسّسات رقابة. لذا، نعلن باسم الجميع رفضنا وعدم قبولنا:

لا نقبل بتاتاً أن تُمعن الجماعة السياسيّة في قهر الناس وذبح الوطن، وأن تتفرّج على العملة الوطنيّة تفقد أكثر من 85 % من قيمتها، وعلى اللبنانيّين يتسوّلون في الشوارع، ويتواصل الغلاء الجنونيّ.

لا نقبل بتاتاً أن تذهب أموال دعم السلع إلى المهرّبين والميسورين والتجار، وأن يشتبك المواطنون في المتاجر على شراء السلع وأن تُفقَد الأدوية والمواد الغذائيّة والوقود.

لا نقبل بتاتاً المسّ باحتياطيّ الـمصرف المركزيّ فتَطير ودائع الناس.

لا نقبل بتاتاً أن تبقى المعابر البريّة الحدودية مركزًا دوليًّا للتهريب، والمطار والمرفأ ممرَّين للهدر الموصوف.

لا نقبل بتاتاً أن يستمرّ الفساد في أسواق الطاقة والكهرباء ويدخل لبنان عصر العتمة.

لا نقبل بتاتاً أن تهاجر الأدمغة اللبنانيّة والنخب وأهل الاختصاص.

لا نقبل بتاتاً أن يُعتَّم على المرتكِبين الحقيقيّين ويُبحَث عن أكباش محارق.

لا نقبل بتاتاً أن تُضرب مؤسّسات الكيان والنظام، ويستمرَّ إسقاط النظام السياسيّ والاقتصاديّ.

لا نقبل بتاتاً أن يُعزَل لبنان للإطباق عليه بعيدًا عن أنظار العالم.

لكن ثقوا، أيّها اللبنانيّون المخلصون أنَّ ابتسامتنا ستُشرِق. فنحن أبناء إيمان وإرادة ورجاء. وستتمّ كلمة القدّيس البابا يوحنّا بولس الثاني في ختام إرشاده الرسوليّ "رجاء جديد للبنان": "سيُزهر كلّيًّا من جديد لبنان، الجبل السعيد الذي رأى شروق نور الأمم، وأمير السلام، ويلبّي دعوته بأن يكون نورًا لشعوب المنطقة وعلامة للسلام الآتي من الله. وهكذا إنّ الكنيسة في هذا البلد تُفرح إلهَهَا (را. نش 4: 8)؛ (الإرشاد فقرة 125)".

ومن هذا المنطلق، قال البطريرك الراعي، "يتوجّب على المسؤولين تحريك مفاوضات تأليف الحكومة. فالجمود السائد مرفوض، وبات يشكّل جريمةً بحقّ الوطن والشعب. إنَّ بعض المسؤولين عن تأليف الحكومة يتركون شعورًا بأنّهم ليسوا على عجلة من أمرهم، وكأنّهم ينتظرون تطورات إقليميّة ودوليّة، فيما الحلُّ في اللقاء وفي الإرادة الوطنيّة. أيّ تطوّرات أخطر من هذه التي تحصل حولنا الآن؟ إنَّ المرحلة تتطلَّب الاضطلاع بالمسؤوليّة ومواجهة التحدّيات وتذليلها لا الهروب منها وتركها تتفاقم. بل كلمّا ازدادت الصعوبات كلّما استدعت تصميمًا إضافيًّا".

هذا وأشار البطريرك الماروني مار بشارة بطرس الراعي في عظته مترئسا قداس الأحد إلى أنّ "ما يحصل بين إسرائيل والشعب الفلسطينيّ الصامد تحوّل نوعيّ خطير في مجرى الصراع على الأرض والهوّية. وما يتعرّض له الفلسطينيون يدمي القلوب، لاسيّما أنَّ بين الضحايا أطفالًا ونساء وشيوخًا. لقد حان الوقت لوقف مسلسل العنف والهدم والقتل، وإقرار حلّ نهائيّ للقضيّة الفلسطينيّة بعد ثلاث وسبعين سنة من الحروب والدمار والمظالم الإسرائيليّة. إننا ندعو إسرائيل إلى الاعتراف الجدّي والصريح بوجود حقوق للشعب الفلسطينيّ، وبأنّه يستحيل عليها أن تعيش بسلام من دون القبول بدولة فلسطينيّة قابلة للحياة. فلا سلام من دون عدالة، ولا عدالة من دون حق. في هذا المجال ندعو السلطات في لبنان إلى ضبط الحدودِ اللبنانية/الإسرائيليّة ومنع استخدام الأراضي اللبنانية منصة لإطلاق الصواريخ. فحذار أن يتورَّط البعض مباشرة أو عبر أطراف رديفة في ما يجري، ويعرضّون لبنان لحروب جديدة. لقد دفع اللبنانيّون جميعًا ما يكفي في هذه الصراعات غير المضبوطة. ليس الشعب اللبنانيّ مستعدًّا لأن يدمِّر بلاده مرّةً أخرى أكثر مما هي مدمَّرة. يوجد طرق سلميّة للتضامن مع الشعب الفلسطيني من دون أن نتورّط عسكريًّا. فمن واجب لبنان أن يوالف بين الحياد الذي يحفظ سلامته ورسالته، ويلتزم في تأييد حقوق الشعب الفلسطيني.

نصلّي إلى الله، بشفاعة أمّنا مريم العذراء، سيّدة لبنان، وسلطانة السلام، كي يضع حدًّا للحرب، وأن يغدق على هذه الأرض التي عليها تجلّى نعم الخلاص والفداء. فنرفع إليه المجد والشكر، الآب والإبن والروح القدس، الآن وإلى الأبد، آمين".

17 مايو 2021, 13:04