أساقفة أفريقيا الوسطى يقولون إن بلادهم اليوم هي كالمخلع الذي يحتاج إلى شفاء الرب أساقفة أفريقيا الوسطى يقولون إن بلادهم اليوم هي كالمخلع الذي يحتاج إلى شفاء الرب 

أساقفة أفريقيا الوسطى يقولون إن بلادهم اليوم هي كالمخلع الذي يحتاج إلى شفاء الرب

في ختام أعمال جمعيتهم العامة السنوية التي عُقدت في كاتدرائية سيدة الحبل بلا دنس وجّه أساقفة جمهورية أفريقيا الوسطى رسالة إلى مواطنيهم، سلطوا فيها الضوء على أهمية حب الوطن وتحمّل المسؤوليات، من أجل حماية غنى البلاد والدفاع عن الخير العام. وقالوا: نعم للحقيقة والعدالة، لا للتحالفات غير الطبيعية التي ولّدت الفوضى والخراب.

جاءت رسالة الأساقفة مفعمةً بمشاعر الألم والاستياء ولكن أيضا المواساة والأمل، ووُجهت إلى المواطنين خلال مرحلة صعبة تمر بها جمهورية أفريقيا الوسطى، خصوصا وأن البلاد تعاني اليوم من تهديد المجموعات المسلحة المتمردة، التي – وبعد الانتخابات الرئاسية الأخيرة – شنت سلسلة من الهجمات على نطاق واسع بهدف الدخول إلى العاصمة بانغي. هذا فضلا عن تدهور الأوضاع الإنسانية، إذ إن حوالي ثلاثين ألف شخص نزحوا عن البلاد بسبب العنف، فيما وصل عدد المهجرين داخليا إلى ستين ألف شخص بحسب مصادر منظمة الأمم المتحدة التي أكدت أيضا أن نصف عدد السكان، أي حوالي مليونين وثلاثمائة ألف نسمة، يواجهون خطر انعدام الأمن الغذائي خلال العام الجاري.

تحدث أصحاب السيادة في رسالتهم عن مشاعر اليأس التي تعم قلوب المواطنين العائشين في أوضاع من البؤس، إذ إن أعدادا كبيرة منهم أُجبرت على الهرب بسبب عمليات النهب والقتل الممارسة من قبل المجموعات المسلحة. وما يزيد الطين بلة فساد الطبقة الحاكمة التي تسعى فقط إلى مصالحها الخاصة، فيما يتسابق المسؤولون على السلطة وحسب. هذا بالإضافة إلى توقف النشاطات الاقتصادية وإقفال المدارس المستمر منذ قرابة السنة، وفيما يعيش آلاف المهجرين في أماكن تفتقر إلى الأمن وفي أوضاع لا إنسانية.

كتب الأساقفة أيضا أنهم يتألمون مع شعبهم الذي يعيش يوميا في حالة من الخوف وانعدام الثقة بالغد، واعتبروا أن البلاد تشبه إلى حد بعيد المخلّع الذي شفاه الرب يسوع، بعد أن قاده الناسُ إليه بمشاعر التضامن وشقوا طريقهم وسط الجموع. ولفتوا إلى أن المخلع لم يكن قادرا على الحراك، وكان عاجزا عن تلبية احتياجاته الأولية تماما مثل جمهورية أفريقيا الوسطى اليوم التي تعاني من قيود كثيرة تمنعها من التحرك بحرية، وتمنعها من السير في دروب الخير ومن عطاء أفضل ما لديها من أجل رخاء أبنائها. وأكدوا أن الشر يظهر بأشكال متنوعة: الغضب، الحسد، الكذب، العنف، القتل والحرب. إنها شرور تشل وتَحول دون تعزيز قيم الأخوّة والعدالة والسلام.

بعدها شددت الرسالةُ على ضرورة السير من أجل اللقاء مع المسيح المخلص كي يشفينا، وأكد الأساقفة أن محبة الله هي القوة الحقيقية التي تسمح لنا بالنهوض والسير قدما مضيفين أن القارة الأفريقية ككل تحتاج اليوم إلى دعم متعدد الأشكال كي تتمكن من النهوض، كما أن الكنيسة مدعوة لتكون شاهدة على حضور المسيح وسط كل الأوضاع. وقال الأساقفة: رسالتنا هي أن نقول الحقيقة بشأن الواقع الفوضوي الراهن في البلاد، وأن نعبّر عن مآسي الشعب الذي لا صوت له، والذي يواجه اليوم دوامة جديدة من العنف الجهنمي. وسلطوا الضوء على ضرورة العمل من أجل إعادة إعمار البلاد وهو عملٌ شاق يحتاج إلى الحزم والصبر ومشاركة الجميع.

في ختام رسالتهم في أعقاب جمعيتهم العامة السنوية أكد أساقفة جمهورية أفريقيا الوسطى الكاثوليك أنه لا بد من تغيير الذهنية والروح والقلب من أجل متابعة السير إلى الأمام، مذكرين بأن المحبة تبقى الشريعة الأسمى للمؤمن المسيحي، على أمل أن تتحول هذه المحبة إلى التضامن وأفعال الخير والغفران والتضحية بالذات في سبيل الخير العام.  

20 يناير 2021, 10:59