البطريرك مار بشارة بطرس الراعي مترئسا القداس الإلهي في كنيسة الصرح البطريركي في بكركي الأحد 18 تشرين الأول 2020 البطريرك مار بشارة بطرس الراعي مترئسا القداس الإلهي في كنيسة الصرح البطريركي في بكركي الأحد 18 تشرين الأول 2020 

البطريرك الماروني: في الذكرى السنوية لانطلاقة الثورة نحن نعتبر أنها نجحت في إحداث تحوّل في الشخصية اللبنانية

ترأس البطريرك الماروني الكاردينال مار بشارة بطرس الراعي صباح اليوم الأحد الثامن عشر من تشرين الأول أكتوبر القداس الإلهي في كنيسة الصرح البطريركي في بكركي، وألقى عظة بعنوان "العريس آتٍ، أُخرجوا إلى لقائه" (متى 25: 6)، وقال غبطته "يندرج إنجيل اليوم في خطاب يسوع لتلاميذه عن النهايات: مجيء الربّ والموت والخلاص والهلاك، وعن نهاية الأزمنة والدينونة. إنّ مجيء العريس واستعداد العذارى العشر والمشاركة في فرحة العرس يُطبَّق على الموت الّذي هو اللقاء بالمسيح وغير المعروف بيومه وساعته، "فعند منتصف الليل، صارت الصيحة: العريس آتٍ أخرجوا إلى لقائه" (متى 25: 6). ودخلت العذارى المستعدّات بمصابيحهنّ المضاءة معه إلى العرس. أمّا غير المستعدّات فبقين خارجًا. وأعطانا الربّ يسوع الأمثولة: "اسهروا، لأنّكم لا تعلمون اليوم ولا الساعة" (آ. 13). وأضاف البطريرك الراعي قائلا: "امنحنا، يا ربّ، أن نتذكّر دومًا آخرتنا، ونكون مستعدّين لها يوميًّا بالمحافظة على فضيلة الأمانة لك ولوصاياك وتعليمك وتعليم الكنيسة، ولواجب الحالة والمسؤوليّة".

في عظته مترئسا قداس الأحد في كنيسة الصرح البطريركي في بكركي، أشار البطريرك مار بشارة بطرس الراعي "إلى احتفال الكنيسة في هذا الأحد الثالث من شهر تشرين الأوّل باليوم العالمي الرابع والتسعين للرسالات" وقال لقد "وجّه قداسة البابا فرنسيس كالعادة رسالة خاصّة عنوانها "هاءنذا أرسلني" (أشعيا 8: 6). هذه الكلمة كانت جواب أشعيا النبيّ عندما سمع الربّ يقول: "من أُرسل؟" إنّها دعوة صادرة من قلب الله ورحمته إلى الرسالة بالخروج من ذواتنا من أجل المشاركة في رسالة المسيح والكنيسة. نصلّي من أجل جميع المرسلين والمرسلات، كي يصل إنجيل المسيح إلى الجميع فيعرفون الحقّ وينالون الخلاص".

ونقلا عن الموقع الإلكتروني للبطريركية المارونية، ذكّر البطريرك الراعي بمرور "سنة كاملة على إنطلاق الثورة الشعبيّة"، وكما قال، "من أجل التغيير في ذهنيّة السياسيّين، ودور المجتمع وأداء مؤسّسات الدولة. لكنّنا نرى بألم وإدانة المنظومة السياسيّة تَتجاهل عمدًا وإهمالًا وازدراءً مطالب المتظاهرين وشعبنا: فلا تَـهُـزُّها ثورة، ولا تفجير مرفأ، ولا تدمير عاصمة، ولا انهيار اقتصاديّ، ولا تدهور ماليّ، ولا وباء، ولا جوع، ولا فقر، ولا بطالة، ولا موت أبرياء. فلا تؤلِّف حكومةً، ولا تَحترمُ مبادرات صديقة، ولا تُجري إصلاحات، ولا تُفاوض جدّيًّا مع المؤسّسات الماليّة الدوليّة. لقد فقدَ الشعب الثقة بالجماعة السياسيّة والدولة، والمسؤولون السياسيّون من جهتهم فقدوا الحياء واحترام الشعب والعالم، والقيّمون على الدولة عطّلوا دورها ككيان دستوريّ في خدمة الشعب والمجتمع". وأضاف غبطته "لا أحدَ بريء من دم لبنان النازف. المسؤوليّة جماعيّة والحساب جماعيّ. مَن منكم، أيّها المسؤولون والسياسيّون، يملِك تَرف الوقت لكي تؤخّروا الاستشارات النيابيّة وتأليف الحكومة؟ مَن منكم يَملِك صلاحيّة اللعب بالدستور والميثاق ووثيقة الطائف والنظام وحياة الوطن والشعب؟ إرفَعوا أياديَكم عن الحكومة وأفرِجوا عنها. فأنتم مسؤولون عن جُرم رمي البلاد في حالة الشلل الكامل، بالإضافة إلى ما يفعل وباء كورونا".

وتابع البطريرك الراعي قائلا "في الذكرى السنويّة لإنطلاقة الثورة، نحن نعتبر أنّها نجحت في إحداث تحوّل في الشخصيّة اللبنانيّة، وفي إعادة النبض إلى الشعب اللبنانيّ، وفي تزخيم طاقاته النضاليّة من أجل بناء دولة حرّة، وطنيّة، قويّة وعصريّة. نجحت الثورةُ في توحيد جيل لبنانيّ متعدّد الانتماءات الدينيّة والثقافيّة والحزبيّة، فاندمج وجدانيًّا حول أولويّات الحياة. ونجحت الثورة أيضًا في تعزيز المفهوم السلميّ للتغيير. منذ يومِها الأوّل، رحّبنا بهذه الثورة البهيّة، وأيّدنا شبابَها وشابّاتِها، ودعونا الدولة، بأجهزتها الأمنيّة والعسكريّة، إلى احتضانها وحمايتها، وشَجَبنا التعرّض للمتظاهرين الّذين هم أبناؤنا ومستقبل لبنان. لكنّنا بالمقابل ندّدنا بشدّة بالمتسللين الّذين اعتدوا على الأملاك الخاصّة والعامّة وعلى المؤسّسات، وشوّهوا وجه الثورة الحضاري. وإذ لا نزال نَتطلّع إلى الثورة بأمل، نريدها ثورة متجددة، ثورة أخلاقيّة مستقلّة وغير تابعة لأحد في الداخل والخارج. نريدها ثورة مُوحِّدة وموحَّدة تحدِّد أهدافها اللبنانيّة بجرأة ووضوح. نريدها ثورة تَحمِل برنامجًا اجتماعيًّا ووطنيًّا بنّاء، فلا يختلف الثوّار على مطالبهم في الساحات ويَنزلِقون في حلقات العنف. نريدُها ثورة تُطِلُّ بقيادة جديدة متفاهمة مع بعضِها البعض، تُمثّل الشعب وتحاور الدولة والمجتمع الدولي. فلا ثورة من دون أهداف وبرنامج وقيادة. إنّها لجريمةٌ أن يَخسِرَ لبنان ثورتَه الرائعة. هذه فرصة لبنان لكي يُغيّرَ من خلال الديمقراطيّة والتراث والقيم. فهَلُمّوا يا شبابَ لبنان وشاباته إلى التغيير. أنتم مستقبل لبنان وعنكم قال صديقكم البابا يوحنا بولس الثاني أنتم قوّة لبنان التجدّديّة، ونحن معكم".

هذا وختم البطريرك مار بشارة بطرس الراعي عظته مترئسا القداس الإلهي صباح اليوم الأحد في كنيسة الصرح البطريركي في بكركي قائلا "في أحد الرسالات الذّي تحتفل به الكنيسة الجامعة في هذا الأحد، نصلّي من أجل إنتشار إنجيل المسيح، إنجيل السلام والحقيقة والعدالة والمحبّة. ونذكر بصلاتنا إخوانًا لنا يعانون من الحرب الدائرة بين أذربيجان وأرمينيا في إقليم ناغورنو كاراباخ المحاصر، والمعروف بأرتساخ، ملتمسين من الله إيقاف هذه الحرب، وتثبيت وقف إطلاق النار، وحماية المدنيّين. ونأسف لإخفاق الدولِ ذاتِ التأثيرِ هناك في نقل الصراع من واقعه العسكريِّ إلى المفاوضات السلمية. إننا نناشد الأممَ المتّحدةَ إيقاف دورة العنفِ وحفظ سيادة الدول وتوفير الظروف الشرعيّة للشعبِ الأرمنّي هناك من أجل أن ينعم بالأمنِ والحريّةِ وجمعِ الشمل في إطار القوانين الدولية. فالله سميع مجيب، له المجد والتسبيح، الآب والإبن والروح القدس، الآن وإلى الأبد، آمين".

18 أكتوبر 2020, 13:01