South Africa covid-19 lockdown food handout South Africa covid-19 lockdown food handout  

أساقفة أفريقيا الجنوبية يحذرون من جائحة الفساد

لقد سئم أهالي جمهورية أفريقيا الجنوبية من الفساد، ولا بد أن تُقاوم هذه الثقافة. جاءت هذه العبارات في رسالة لمجلس الأساقفة الكاثوليك، نُشرت على الموقع الإلكتروني الخاص به وحملت توقيع رئيس المجلس المطران سيتمبل سيبوكا.

قرر الأساقفة أن ينشروا هذه الوثيقة في وقت تعاني فيه جمهورية أفريقيا الجنوبية من انتشار آفة الفساد، خصوصا بعد أن برزت فضائح تشير إلى حالات من الفساد مرتبطة خصوصا بالأموال المخصصة لمكافحة وباء كوفيد 19، وقد ولّدت هذه الفضائح موجة من السخط والغضب بين المواطنين فيما يسعى المجتمع جاهدا إلى الخروج من هذه الأزمة الصحية العالمية.

سلط الأساقفة الكاثوليك في رسالتهم الضوء على غضب المواطنين حيال حالات الفساد والذين ضاقوا ذرعا من هذه الأوضاع، وتحدثوا عن وجود جائحة جديدة في المجتمع الأفريقي الجنوبي ألا وهي جائحة الفساد، لافتين إلى تنامي الشعور بأن جمهورية أفريقيا الجنوبية بات يُنظر إليها على أنها جمهورية الفساد في العالم، إذ صار الفساد نمط حياة بالنسبة للعديد من الأشخاص، وانعكس هذا الأمر على الروح الوطني. وأكد الأساقفة أن عبارة فساد باتت مرادفا لجمهورية أفريقيا الجنوبية، لكنهم أكدوا أنه إزاء هذا النمط من الثقافة والهوية التي تُفرض على الشعب من قبل زعمائه، لا بد أن يقول المواطنون كلمة "لا" كي لا تتغلل ثقافة الفساد في النسيج الاجتماعي.

وكتب المطران سيبوكا أن فكره يتجه بنوع خاص نحو الأجيال الفتية وقال: لا سمح الله أن ينتقل إلى مواطني المستقبل إرثُ الفساد هذا! لا بد أن نتعامل مع هذه الآفة بحزم وإصرار وأن نرفضها رفضا تاما. في هذا السياق طلب سيادته من مواطني أفريقيا الجنوبية ألا تقتصر ردود الفعل على التذمر من الأوضاع الراهنة. إذ لا بد أن يقاوموا من يريدون بلدا فاسدا، لأن الفساد يتعارض مع القيم التي يناضل من أجلها المواطنون، كأفارقة وكمسيحيين وكأمة ديمقراطية. ولفت إلى أن الناس حريصون جدا على قيم الإنسانية والاهتمام بالغير. والمسيحيون خصوصا يؤمنون بأهمية خدمة الآخر، كما أنه في مجتمع ديمقراطي يتعين على الزعماء المنتخبين من قبل الشعب أن يتحملوا مسؤولياتهم أمام الناخبين، وهذا المبدأ لا ينطبق على الفاسدين.

لم تخلُ رسالة مجلس أساقفة جمهورية أفريقيا الجنوبية من المطالبة بملاحقة الفاسدين قضائيا، كما لا بد أن يتم التعامل مع المسؤولين المحكومين بتهم الفساد تماما كسائر السجناء، وبعيدا عن أي اعتبارات خاصة ومحسوبيات. وتساءل بعدها المطران سيبوكا حول الوسائل الواجب اتّباعها من أجل مكافحة الفساد. واعتبر أنه من الأهمية بمكان أن يتم إيقاظ الوعي حيال هذه الآفة الخطيرة، وقال: ينبغي أن يقيّم كل واحد منا كيفية استخدامه للسلطة والموارد وكيفية تجاوبه مع ثقة الناس الذين ينبغي أن يعتني بهم. وذكّر سيادته بأن اللجوء إلى المرافق العامة لأغراض خاصة هو أيضا ضرب من الفساد، تماما كمن يأكل طعاما لم يكسبه بعرق الجبين، أو يسكن في بيت لم يعمل من أجله. وأضاف أنه إذا ما تعاملنا مع الفساد من هذا المنظار ندرك مدى تجذّر هذه الآفة في حياتنا اليومية، وفي بيوتنا وعلاقاتنا الشخصية. وحتى التقاعس عن القيام بواجباتنا ضمن العائلة والجماعة يشكل أيضا ممارسة فاسدة.

بعدها توقف رئيس مجلس الأساقفة عند نتيجتين مقلقتين للفساد: أولا إن هذه الآفة تحول دون تحقيق أهداف الخير العام، ثم تقف عائقا في وجه حقوق الأشخاص وهذا الأمر يولّد بالتالي أوضاعا من الظلم والاستياء وينسف التلاحم الاجتماعي والثقة بالقيادة. وما يعكس ذلك تخلّف عدد كبير من المواطنين عن المشاركة في الانتخابات. وأضاف سيادته أن الفساد لا يساهم في بناء الأوطان ولا بد من التصدي له بحزم وإصرار. فقد ولّى زمن التذمّر وحان وقت التصرف، لأنه لا يمكن أن ننتظر نهاية الجائحة.

في ختام رسالة مجلس أساقفة جمهورية أفريقيا الجنوبية بشأن الفساد لفت المطران سيبوكا إلى أن ما كتبه ينسحب أيضا على رجال الدين، لأن ثمة حالات من الفساد حصلت في الأوساط الكنسية أيضا، من هذا المنطلق لا بد من الصلاة كي يبعد الله عنا آفة الفساد ويساعدنا على التصدي لها بنزاهة واستقامة، لأن هذا العمل ينبغي أن يبدأ من كل واحد منا. 

04 سبتمبر 2020, 11:56