LEBANON-BLAST-DESTRUCTION LEBANON-BLAST-DESTRUCTION 

الأخت ماريا لويزا من جمعية بنات المحبة: لبنان قادر على أن يصير مركزا للسلام والرجاء

ما تزال الجهود السياسية في لبنان تسعى إلى إيجاد حلول للأزمات الخطيرة التي تعاني منها البلاد والتي تفاقمت بعد الانفجار الهائل في مرفأ بيروت، الذي وقع لشهر خلا وبالتحديد في الرابع من آب أغسطس الفائت ملحقا أضرارا جسيمة بالعديد من الأحياء البيروتية، لاسيما المناطق السكنية القريبة.

يسعى المجتمع اللبناني إلى طي الصفحة المظلمة التي طُبعت بالدمار على أثر انفجار المرفأ والذي أسفر عن سقوط أكثر من مائتي قتيل وآلاف الجرحى وقد استقالت حكومة الرئيس حسان دياب على أثره. وبالتزامن مع الزيارة الثانية التي أجراها الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون إلى لبنان في الأول من الجاري أعلنت جماعة حزب الله عن انفتاحها على أي نقاش بشأن عقد اجتماعي جديد، وهو اقتراح تقدمت به الحكومة الفرنسية، لكن الحزب اشترط أن يحظى هذا الاقتراح بمواقفة الأحزاب اللبنانية كافة. يحصل هذا في وقت تحدث فيه رئيس البلاد ميشال عون عن رغبته في إعلان لبنان بلدا علمانيا يحل مكان المنظومة الطائفية. وفي غضون ذلك يسعى اللبنانيون إلى الخروج من أزمة اجتماعية واقتصادية لا سابق لها، وزادت من تفاقمها جائحة كوفيد 19.

إزاء هذا السيناريو أجرى موقع فاتيكان نيوز الإلكتروني مقابلة مع الراهبة الإيطالية ماريا لويزا من جمعية بنات المحبة للقديس منصور دي بول، المقيمة في لبنان منذ سنوات طويلة، ولفتت إلى أن انفجار الرابع من آب أغسطس شكل ضربة قاضية للبنان، لأنه بالإضافة إلى الخسائر البشرية والأضرار المادية التي تعرضت لها المنازل والمدارس والمؤسسات، فقد قضى الانفجار على المرفأ الذي هو رئة بيروت ولبنان كله. مع العلم أنه توجد موانئ أخرى في البلاد لكنها لا تمت بصلة إلى مرفأ بيروت من حيث الأهمية.

بعدها تحدثت الراهبة الإيطالية عن التزامها في مؤسسة "توريه" التي تتخذ في روما مقرا لها، وهي تقدم المساعدة المطلوبة للراهبات في مناطق الرسالة وفي البلدان التي تواجه حالات طارئة شأن لبنان حاليا. وذكّرت بأن بنات المحبة للقديس منصور دي بول متواجدات في بلاد الأرز منذ قرابة مائة وعشر سنوات، مشيرة إلى أن الجمعية وقفت دوما إلى جانب السكان لاسيما في مجال التربية والتعليم. وقد علمت الراهبات، ومذ أن وصلن إلى لبنان، أن خدمة هذا البلد تقتضي الرهان على قطاع التربية. وأوضحت أن للجمعية أربع مدارس على التراب اللبناني وتقدم خدمات التعليم من الحضانة وحتى الصفوف الثانوية، كما أن المناطق التي تتواجد فيها هذه المدارس ليست ذي الأغلبية المسيحية أو الكاثوليكية.

وفي سياق حديثها عن كارثة الرابع من آب أغسطس الماضي قالت الأخت ماريا لويزا إن الراهبات عانين من وقع الصدمة والخوف، لكنهن كشّفن عن سواعدهنّ ولم يترددن في تنظيف الشوارع من الركام والأنقاض، وحاولن إنقاذ ما تمكن إنقاذه من المدارس المتضررة، ومن بينها مدرسة القديسة حنة التي تعرضت لأضرار جسيمة، قُدرت قيمتها بأكثر من مائة وخمسين ألف دولار أمريكي. وقد تم البدء بعمليات الترميم بفضل سخاء التلامذة وذويهم، خصوصا مع اقتراب بداية العام الدراسي. وأضافت أنه بعد انفجار المرفأ لم يعد هناك أي فرق بين شخص وآخر استنادا إلى المعتقد الديني أو الانتماء الحزبي. بل عمّت الرغبة المشتركة في مساعدة البلاد على النهوض. كما أن بنات المحبة وقفن إلى جانب العائلات التي تضررت بسبب الانفجار، وفقدت كل شيء وباتت بحاجة ماسة إلى الطعام واللباس.

في رد على سؤال بشأن العلاقة التي تربط الشبان اللبنانيين بأرضهم، قالت الراهبة الإيطالية: ثمة شريحة كبيرة من الشبان الراغبين في مغادرة وطنهم. ولكن على الرغم من هذه الرغبة ثمة تعلّق كبير بالبلاد وشعور بالانتماء إلى هذا الوطن. وهذا الأمر ينطبق على جميع اللبنانيين، الذين يشعرون بأنهم جزء من مجتمع جُرح في الصميم، لكنه يسعى اليوم إلى الوقوف على رجليه. وأكدت أن الشبان اللبنانيين لا يوفرون جهدا، ويعلقون آمالهم على المستقبل مع أن أحدا لا يعلم كيف سيكون. وختمت الأخت ماريا لويزا حديثها مشيرة إلى الموقع الجغرافي المميّز للبنان، الذي تحيط به دول مجروحة أيضا، وإلى التربية التي يتميز بها اللبنانيون. وقالت إن هذين العاملَين يشعران الشعب بأن بلده يمكن أن يصير مركزا للسلام والرجاء في الشرق الأوسط المعذب.    

03 سبتمبر 2020, 10:16