متظاهرون عراقيون في ساحة التحرير ببغداد متظاهرون عراقيون في ساحة التحرير ببغداد 

ساكو: المتظاهرون العراقيون واللبنانيون يطالبون بالكرامة والعدالة والمواطنة بعيداً عن الطائفية

مع مرور شهر على بداية التظاهرات ضد الحكومة في العراق احتجاجاً على غلاء المعيشة والفساد، قام بطريرك بابل للكلدان الكاردينال لويس ساكو بزيارة يوم السبت الفائت إلى المتظاهرين في ساحة التحرير ببغداد، وقد أقفلت المدارسُ والمؤسسات الرسمية أبوابها في وقت تعرضت فيه القنصلية الإيرانية في كربلاء لهجوم من قبل المتظاهرين.

قُتل ثلاثة أشخاص على الأقل في مدينة كربلاء، جنوب البلاد، حيث قامت حشود بمهاجمة مقر القنصلية الإيرانية، ونزعوا عن المبنى العلم الإيراني مستبدلين إياه بالعلم العراقي، واتهموا حكومة طهران بالتدخل في شؤون العراق الداخلية. ورشق المتظاهرون القنصلية بالحجارة، وقد أعلنت الأجهزة الأمنية المولجة بضمان أمن البعثة الدبلوماسية أنها أطلقت النار في الهواء لتفريق المتظاهرين، في وقت أكد فيه شهود عيان أن رجال الأمن أطلقوا النار باتجاه الحشود.

وقد اندلعت موجة الاحتجاجات في بغداد ومختلف المناطق العراقية الأخرى في أوائل شهر تشرين الأول أكتوبر المنصرم، احتجاجاً على غلاء المعيشة وتفشّي الفساد، وقد سببت المصادماتُ بين المتظاهرين ورجال الأمن سقوطَ أكثر من مائتين وخمسين ضحية. وفي ساحة التحرير بالعاصمة بغداد التي شكّلت قلب الحراك الشعبي تجمّع آلاف الأشخاص متحدّين منع التجول الذي فرضته الحكومة العراقية.

إزاء هذه التطورات المقلقة في العراق أجرى موقع فاتيكان نيوز مقابلة مع بطريرك بابل للكلدان الكاردينال روفائيل ساكو الذي عبّر عن أمله بأن تصغي الحكومة إلى صرخة هؤلاء الأشخاص المتألمين، كما كان قد طلب البابا فرنسيس. وقال غبطته إنه شاء أن يلتقي بالمتظاهرين ليحمل الأدوية إلى الجرحى والمرضى، مضيفا أنه وجد في الشارع آلاف الشبان والمسنين والنساء والطلاب، وذكّر بأنها المرة الأولى التي تشارك فيها النساء في التظاهرات العراقية.

أوضح الكاردينال ساكو في حديثه لموقعنا الإلكتروني أن المتظاهرين في العراق يطالبون بتحقيق العدالة ويريدون مستقبلاً أفضل، لافتا إلى أن العراقيين تمكنوا من هدم الحواجز الطائفية التي تقسّمهم عادة، وتحدث هؤلاء بصوت واحد مؤكدين أن العراق يأتي قبل أي اعتبار آخر. وأضاف غبطته أن الشارع العراقي وجّه نداء إلى حكومة بغداد مطالبا إياها باتخاذ التدابير السريعة والملموسة كيما تتم استعادة الأموال التي نُهبت خلال السنوات الست عشرة الماضية، لتُستثمر في مشاريع تنموية على الأصعدة الاقتصادية والاجتماعية والصحية. وكان رئيس الوزراء العراقي عادل عبد المهدي قد دعا المتظاهرين إلى مساعدة الحكومة على إعادة الحياة الطبيعية إلى مجاريها، مذكراً بأن التظاهرات كلّفت الاقتصاد العراقي مليارات الدولارات، في وقت وعد فيه رئيس الجمهورية برهم صالح بإجراء انتخابات سياسية مبكّرة وسن قانون انتخابي جديد.

ولم تخل كلمات البطريرك الكلداني من الإشارة إلى أوجه الشبه بين التظاهرات التي يشهدها العراق وتلك التي يعيشها لبنان منذ السابع عشر من تشرين الأول أكتوبر الماضي. وقال إن التظاهرات في البلدين شبيهة من حيث الشكل والمضمون، لافتا إلى أن الاستياء الشعبي جاء نتيجة الفساد، واحتجاجا على الطبقة السياسية التي تبحث عن السلطة والمال وسط استمرار معاناة السكان. وأوضح غبطته أن المتظاهرين العراقيين واللبنانيين لديهم المطالب نفسها: يطالبون بالكرامة البشرية والازدهار الاقتصادي والعدالة الاجتماعية والمواطنة بعيدا عن الطائفية والمذهبية.

بعدها عبّر البطريرك روفائيل ساكو عن سروره إزاء الاستقبال الذي لاقاه في ساحة التحرير ببغداد ولفت إلى أن المتظاهرين قالوا له ولمعاونيه إن المسيحيين هم أخوة ويعود تواجدهم إلى نشأة العراق. وقال إن الساحة المذكورة كانت تغص بأكثر من خمسمائة ألف شخص، فيما كان يرافقه حوالي عشرة من رجال الدين - وهم عبارة عن أسقفين أو ثلاثة وخمسة أو ستة كهنة - فضلا عن عشرين شاباً معتبرا أن تعامل المتظاهرين معهم يشكل مؤشراً للأمل بالنسبة للجميع.

وكان البابا فرنسيس وفي ختام مقابلته العامة مع المؤمنين يوم الأربعاء الثلاثين من تشرين الأول أكتوبر الفائت قد وجّه نداء قال فيه: أيها الإخوة والأخوات الأعزاء، يتوجّه فكري نحو العراق الحبيب حيث سببت التظاهرات التي حصلت خلال هذا الشهر العديد من الموتى والجرحى. وفيما أُعبِّر عن تعازي بالضحايا وعن قربي من عائلاتهم ومن الجرحى أدعو السلطات لكي تصغي إلى صرخة الشعب الذي يطلب حياة كريمة وهادئة. وتابع البابا فرنسيس يقول: أحث جميع العراقيين، بدعم الجماعة الدولية، على السير في درب الحوار والمصالحة والبحث عن الحلول الصحيحة لتحديات ومشاكل البلاد. وأصلّي لكي يتمكّن هذا الشعب المعذّب من أن يجد السلام والثبات بعد سنوات طويلة من الحرب والعنف.

05 نوفمبر 2019, 11:23