الكاردينال فيجينسكي والبابا يوحنا بولس الثاني الكاردينال فيجينسكي والبابا يوحنا بولس الثاني 

الكاردينال فيجينسكي والبابا يوحنا بولس الثاني

وافق البابا فرنسيس على مراسيم صدرت عن مجمع دعاوى القديسين تتعلق بإعلان خمسة طوباويين جدد عاشوا كلهم في القرن الماضي ومن بينهم الكاردينال Stefan Wyszyński كبير أساقفة بولندا سابقاً والذي وافته المنية في العام 1981.

المؤمنون البولنديون ينظرون إلى هذا الكاردينال منذ زمن بعيد على أنه قديس بالنسبة لهم، ويعتبرونه أيضا أبا لهذه الأمة الذي وقف في وجه النازية خلال الحرب العالمية الثانية، ثم دافع عن بلاده ضد النظام الشيوعي في المرحلة اللاحقة. أصبح Wyszyński كاردينالا في العام 53 من القرن الماضي، وعُرف بتمرّده على القرار الذي حرم الكنيسة الكاثوليكية من حرية ممارسة الشعائر الدينية في ظل النظام الشيوعي، وقد دفع ثمن مواقفه الشجاعة من خلال دخوله إلى السجن. وأثناء وجوده في الزنزانة كتب هذا الكاردينال العديد من الرسائل، وأكد في إحداها أن الخطية الأكبر بالنسبة لعمل الرسالة هي الخوف، لأن هذا الخوف سرعان ما يصبح حليفاً لأعداء الرسالة. خلال اعتقاله تعرض للتعذيب، وخرج بعدها من السجن قبل أن يعود إلى أبرشيته مشترطاً على السلطات أن ترفع القيود التي تفرضها على الكنيسة، وقد أذعن الحكام لهذا الطلب.

الكاردينال Wyszyński هو أيضا قديس البابا يوحنا بولس الثاني. فكان كارول فويتيوا يرى فيه أخاً أكبر في الإيمان ومثالاً للشجاعة والصلابة الداخلية وقد تركت هذه الصفات أثراً كبيراً في نفس فويتوا قبل أن يصير البابا يوحنا بولس الثاني. وعند رحيل الطوباوي الجديد في العام 1981 كتب يوحنا بولس الثاني أنه كان حجر العقد بالنسبة للكنيسة في وارصو وبالنسبة لكنيسة بولندا بأسرها. وبعد الإعلان عن موافقة البابا فرنسيس على مراسيم مجمع دعاوى القديسين عبّر كبير أساقفة بولندا رئيس الأساقفة Stanisław Gądecki عن تقديره وامتنانه الكبير للبابا برغوليو وقال إن الكنيسة الكاثوليكية في بولندا تشعر بالبهجة والفرح الكبيرين، مضيفا: "إننا ممتنون للبابا بسبب موافقته على الأعجوبة التي تمت بشفاعة الكاردينال Stefan Wyszyński" وعبر عن سروره لأن احتفال التطويب سيتم قريباً.

الكاردينال البولندي الراحل انتُخب في العام 1948رئيس أساقفة على أبرشية نييزنو ووارصو، وشأن باقي الأساقفة في أوروبا الشرقية، خلال تلك الحقبة التاريخية في ظل الحكم الستاليني، منع من ممارسة مهامه الأسقفية. وعلى الرغم من الاضطهاد الذي عانى منه لعقود طويلة، لم يفقد الكاردينال Wyszyński أمله وعزيمته، وفي شهر تشرين الأول أكتوبر من العام 1956، تحررت بولندا من الدكتاتورية السوفيتية ودخلت مرحلة الاشتراكية. ونجح في التوصل آنذاك إلى تفاهم سياسي مع السلطة بشأن العلاقة بين الدولة والكنيسة، وعمل على تفادي المواقف التي من شأنها أن تزيد من حدة التوتر في البلاد وتمهّد الطريق لتدخل مسلح سوفيتي في بولندا، كما حصل في تلك الفترة على أثر الثورة في المجر.

لم تخلُ المواقف المعتدلة التي تميّز بها الكاردينال Wyszyński من بعض الانتقادات لاسيما من قبل التيارات المحافظة في الكوريا الرومانية. وهذا ما اتضح جلياً خلال العام 1957 بنوع خاص عندما توجّه كبير أساقفة بولندا إلى روما لزيارة البابا الراحل بيوس الثاني عشر. خلال الكونكلاف الثاني الذي عُقد في العام 1978، بعد وفاة البابا بولس السادس والبابا يوحنا بولس الأول في السنة نفسها، طُرحت أكثر من مرة إمكانية انتخاب الكاردينال Wyszyński على السدة البطرسية. لكن بعض المطلعين على خفايا أعمال الكونكلاف رووا أنه هو كان أول من طرح اسم رئيس أساقفة كراكوفيا آنذاك الكاردينال كارول فويتيوا ليخلف البابا يوحنا بولس الأول، وهذا ما حصل بالفعل.

كان الكاردينال Wyszyński صديقاً كبيراً للبابا الراحل يوحنا بولس الثاني، ولدى وفاته حظي بتأبين شعبي ووطني كبير في بلاده، لكن البابا كارول فويتويا لم يستطع المشاركة في مراسم التشييع لأنه كان قابعاً في المستشفى بعد محاولة الاغتيال التي تعرض لها في الثالث عشر من أيار مايو 1981. رفاته مدفونة اليوم في كاتدرائية القديس يوحنا المعمدان في وارصو.

04 أكتوبر 2019, 12:11