مقابلة مع الكاهن الفرنسيسكاني السوري فراس لطفي مقابلة مع الكاهن الفرنسيسكاني السوري فراس لطفي 

مقابلة مع الكاهن الفرنسيسكاني السوري فراس لطفي

على الرغم من تراجع حدة الاقتتال في سورية ما زال المواطنون يرزحون تحت عبء الجراح الجسدية والروحية والمعنوية وليدة أكثر من ثماني سنوات من الحرب الأهلية في هذا البلد العربي. عن هذا الموضوع تحدّث لموقع فاتيكان نيوز الإلكتروني الكاهن الفرنسيسكاني السوري في الأرض المقدسة فراس لطفي، على هامش الاحتفالات بالمئوية الثامنة لحج القديس فرنسيس إلى المنطقة.

إن آلام ومعاناة المواطنين السوريين جراء صراع مسلح سيبلغ قريبا عامه التاسع، ما تزال تظهر بصورة جلية على الرغم من انحسار القتال وأعمال العنف في العديد من المناطق السورية، باستثناء مدينة إدلب حيث تخضع للحصار مجموعات جهادية تعد حوالي ثلاثين ألف مقاتل. وما يزيد الطين بلة العقوبات الدولية المفروضة على سورية التي تلقي بثقلها على المواطنين بدلاً من النظام الحاكم في دمشق، فيعجز السوريون في المناطق التي تشهد هدوءاً نسبياً عن استعادة حياتهم الطبيعية. لذا شاء الكاهن الفرنسيسكاني السوري فراس لطفي أن يسلط الضوء على الصعوبات التي يواجهها السكان الباحثون عن بعد مادي وروحي لحياتهم.

قال لطفي في حديثه لموقعنا الإلكتروني إن الوضع حاليا في سورية هو صعب للغاية. صحيح أن الأسلحة سكتت في بعض المناطق، لكن لا بد أن يؤخذ في عين الاعتبار واقع الحرب التي تدور رحاها في البلاد منذ قرابة التسع سنوات وقد خلّفت دماراً هائلاً، إذ هُدّمت المنازل وأحياء بأكملها سويّت بالأرض، فضلا عن وجود العديد من الكنائس التي هي بأمس الحاجة إلى أعمال الترميم. وأضاف أن سورية كانت تَعد ثلاثة وعشرين مليون نسمة قبل اندلاع الحرب: وقد فقدت البلاد اليوم نصف سكانها، بين قتلى ولاجئين، وتعرضت لضربة ديمغرافية قاضية. كما أن النسبة الأكبر من الشبان تركت سورية، ناهيك عن الأضرار النفسية الجسيمة التي لحقت بالأطفال والنساء نتيجة سنوات طويلة من القتال والمعاناة الجمة. هذا فضلا عن العقوبات الدولية الاقتصادية المفروضة على سورية، والتي ينبغي أن تستهدف المسؤولين عن الحرب لكنها في الواقع تصيب الناس العاديين، الأبرياء والفقراء.

بعدها تحدّث الكاهن الفرنسيسكاني السوري عن إطلاق مشروع يحمل اسم "فن علاجي" يرمي إلى مساعدة الأطفال على تخطي الصدمة السيكولوجية التي أصابتهم بعمق. ويتضمن هذا المشروع دورات في الموسيقى والرياضة والمسرح، خصوصا وأن هؤلاء الأطفال كانوا عاجزين خلال الحرب عن اللعب أو الخروج من المنزل ومتابعة تحصيلهم العلمي. وذكّر لطفي بكلمات الأديب دوستويفسكي الذي قال إن "الجمال سيُخلّص العالم". ولفت أيضا إلى أن هذا المشروع يحظى بإسهام عدد من الخبراء في علم النفس والفنون الذين سيمدون يد العون إلى الأطفال موضحاً أن ألف طفل استفادوا من هذا المشروع خلال فصل الصيف، عسى أن يجد هؤلاء معنى مختلفاً وعميقاً لحياتهم.

في سياق حديثه عن البعد الروحي قال الكاهن فراس لطفي إن النسيج الاجتماعي يحتاج إلى عملية إعادة إعمار على الصعيد الروحي ولفت إلى أنه خلال الحروب يطرح الإنسان على نفسه تساؤلات كثيرة: لماذا نحن؟ لماذا سمح الله بأن نتألّم؟ أين أخطأنا كي نعاقب هكذا؟ لماذا يتعيّن علي أن أدفع ثمن التحالفات الشريرة؟ وإذا أرادوا القتال فيما بينهم لماذا قرروا أن يفعلوا ذلك على أرضنا، وفي بيتنا ووطننا؟ وقال لطفي إن كل هذه الأسئلة صعبة للغاية، ولا توجد لدينا الأجوبة الملائمة، أو الكافية.

وختم حديثه لموقعنا الإلكتروني بالقول ينبغي أن يغيّر الناس وجهة نظرهم ويطحروا على أنفسهم سؤالا آخر: كيف يمكنني أن أمكث أنا اليوم بين ذراعي المسيح المتألم، وأمام قدميه وفي قلبه الذي يحب الكل ويقبل الكل؟ يشار هنا إلى أن موقع فاتيكان نيوز كان قد أجرى مقابلة لأيام خلت مع السفير البابوي في سورية الكاردينال ماريو زيناري الذي تحدث عما سماها بـ"قنبلة الفقر المدقع" التي تصيب نسبة ثلاثة وثمانين بالمائة من المواطنين ودعا في الوقت نفسه إلى عدم نسيان أزمة النازحين التي هي الأخطر من نوعها منذ نهاية الحرب العالمية الثانية.

02 أكتوبر 2019, 11:49