بطريركية بابل تعارض تشكيل ميليشيات مسيحية مسلحة في العراق بطريركية بابل تعارض تشكيل ميليشيات مسيحية مسلحة في العراق 

بطريركية بابل تعارض تشكيل ميليشيات مسيحية مسلحة في العراق

عبرت الكنيسة الكلدانية رسمياً عن معارضتها للاقتراح المتعلق بتشكيل ميليشيات مسيحية وانتقدت نشاط بعض المجموعات المسلحة الساعية إلى فرض نفسها ضمن المشهد العراقي على أنها "ميليشيات مسيحية"، معتبرة أن هذا الأمر يتعارض والروحانية المسيحية.

وجاء في بيان صدر عن بطريركية بابل للكلدان أن الديانة المسيحية تسعى إلى تغذية مشاعر المحبة والتسامح والغفران والسلام. وذكّرت البطريركية الشبان المسيحيين الراغبين في المساهمة في الحفاظ على الأمن والدفاع عن الوطن أنه باستطاعتهم أن يلتحقوا في صفوف القوات العراقية المسلحة، أو الانضمام إلى أجهزة الشرطة. أما الشبان المسيحيون المقيمون في إقليم كردستان العراق فيمكنهم الالتحاق في صفوف الميليشيات الكردية المعروفة باسم البشمركة. وعبّر البيان عن "احترام" الكنيسة الكلدانية للخيار الشخصي الذي اتخذه بعض الشبان المسيحيين والمتعلق بالانخراط فيما يُعرف بقوات الحشد الشعبي، وهي عبارة عن تشكيلة مسلحة معظم المنتسبين إليها من الطائفة الشيعية وقد حاربت خلال السنوات الماضية ضد تنظيم الدولة الإسلامية في العراق.
وقد نشرت نصّ البيان وكالة فيديس الكاثوليكية للأنباء مضيفة أن الكنيسة الكلدانية أصدرت هذه الوثيقة في أعقاب المرسوم الذي أصدره رئيس الوزراء العراقي عادل عبد المهدي في الأول من تموز يوليو الجاري ودعا فيه الميليشيات والتنظيمات الشبه عسكرية إلى إقفال مكاتبها في المناطق السكنية، والاختيار بين متابعة النشاط ضمن الأجهزة الأمنية المحلية أو التحوّل إلى تشكيلة سياسية. وقد عبّر بيان بطريركية بابل للكلدان عن تقدير الكنيسة المحلية ودعمها لهذا المرسوم، ووصفه بالخطوة الهامة في الاتجاه الصحيح، والتي تهدف إلى حصر حق اللجوء إلى القوة بيد الدولة فضلا عن تعزيز دور المؤسسات الإقليمية والوطنية.
ورأت وكالة فيديس أن هذا المرسوم الحكومي يرمي إلى احتواء التأثير المتنامي للميليشيات الشيعية المتواجدة حاليا على التراب العراقي، والحد من نشاطها في المجال الاقتصادي وفرضها لحواجز التفتيش المنتشرة في عدد من المحافظات العراقية الشمالية، خصوصا وأن هذه الميليشيات الشيعية هي على تواصل مع إيران وجماعة حزب الله اللبنانية. وقد ذكرت بعض وسائل الإعلام الدولية أن رئيس الوزراء عبد المهدي تعرّض لضغوط من قبل الولايات المتحدة الأمريكية وقوى إقليمية أخرى شأن المملكة العربية السعودية التي تخشى من تنامي النفوذ الإيراني على الأراضي العراقية.
وكان خلف رئيس الوزراء الحالي، حيدر العبادي، قد حاول في شهر آذار مارس من العام 2018 أن يضع حداً لاستقلال قوات الحشد الشعبي ساعيا إلى دمجها ضمن منظومة الدفاع والأمن الوطني. لكن هذه المحاولات لم تتكلل بالنجاح إذ واصلت تلك الميليشيات نشاطاتها ككيان مستقل، في وقت تشير فيه بعض التقديرات إلى أن الحشد الشعبي يعد زهاء مائة وأربعين ألف عنصر. وقد حدد رئيس الحكومة عبد المهدي الحادي والثلاثين من تموز يوليو الجاري كآخر مهلة لتنفيذ ما ينص عليه المرسوم.
ويبدو أن بيان بطريركية بابل للكلدان هو موجه بنوع خاص إلى ما يُعرف بـ"كتائب بابيلون" التي يقودها ريان الكلدان، وهي تشكيلة مسلحة أبصرت النور خلال السنوات القليلة الماضية في المناطق التي كانت خاضعة لسيطرة قوات الدولة الإسلامية. واتخذت تلك الكتائب أيضا طابعاً سياسياً، وقد خاضت المعركة الانتخابية العراقية في أيار مايو 2018 تحت اسم "حركة بابيلون" وحازت على مقعدين من المقاعد النيابية الخمسة المخصصة للأقلية المسيحية في العراق.
وخلال الأيام الماضية ورد اسم ريان الكلداني على قائمة أعدتها وزارة الخزانة الأمريكية تقضي بفرض عقوبات على أربع شخصيات، واتُهم المسؤول العسكري بالفساد وسرقة المال العام وانتهاك حقوق الإنسان. ومن بين الاتهامات استحواذه، بطريقة غير مشروعة، على أراض زراعية في سهل نينوى، فضلا عن أن وجود هذه التشكيلة في بعض المناطق يحول دون عودة عشرات آلاف النازحين الذين تركوا المنطقة بعد سقوطها بيد داعش في صيف العام 2014.
تجدر الإشارة هنا إلى أن بطريرك بابل للكلدان الكاردينال لويس ساكو وخلال مقابلة أجرتها معه صحيفة أوسيرفاتوريه رومانو الفاتيكانية لفت إلى أن السكان العراقيين يشعرون بانعدام الأمن، مؤكدا أن السنوات الماضية كانت صعبة وليس من السهل أن تضمد الجراحات على وجه السرعة. لكنه دعا إلى العمل على الضمائر والسعي إلى التخطيط للمستقبل من أجل مداواة الجراح. وذكّر البطريرك ساكو في الختام بأن رئيس البلاد ورئيس الوزراء يبذلان جهوداً حثيثة بغية خلق أجواء الثقة، كما أن الشعب يريد التغيير وقال إن البلاد باتت جاهزة لتولد من جديد.

26 يوليو 2019, 10:56