الكاردينال نزابالاينغا الكاردينال نزابالاينغا 

مقابلة صحيفة أوسيرفاتوريه رومانو مع الكاردينال نزابالاينغا

زيارة المناطق في شمال شرق جمهورية أفريقيا الوسطى التي لم تطأها قدمُ أيّ مسؤول سياسي لغاية اليوم. هذا ما فعله رئيس مجلس أساقفة البلاد ورئيس أساقفة العاصمة بانغي الكاردينال Dieudonné Nzapalainga كي يتفقد أوضاع الجماعات الكاثوليكية المحلية والتي تعيش، بحسب نيافته، على غرار الجماعات المسيحية الأولى.

شملت الزيارة بالتحديد أبرشية بامباري الشاسعة والتي تفتقر إلى البنى التحتيّة الأساسية، لاسيما الطرقات والمراكز الصحية والتربوية؛ منطقةٌ تسعى الحكومة لأن تكون حاضرة فيها في وقت يسيطر عليها الثوار الطامعون بثرواتها الطبيعية، خصوصاً الذهب والألماس. وخلال تلك الزيارة أكد نيافته أنه لمس تضامناً كبيراً بين الجماعات المسيحية المحلية وبين الأجيال، على الرغم من ظروف الحياة المترديّة، وتخللت الزيارةَ أيضاً لقاءاتٌ جمعت الكاردينال Nzapalainga بعدد من القادة المتمردين، تحرّكه القناعة بأن عملية السلام تحتاج إلى تعاونِ وإسهامِ الجميع.

لمناسبة هذه الزيارة الهامة، أجرت صحيفة أوسيرفاتوريه رومانو الفاتيكانية مقابلة مع رئيس أساقفة بانغي الذي أوضح أنه مذ أن أصبح كاردينالا في العام 2016 بدأ جولاته على مختلف أبرشيات البلاد بغية الالتقاء بالمؤمنين الكاثوليك الذين صلوا من أجله. وأضاف أنه شاء أيضاً أن يزور أبرشية بامباري الشمالية التي هي أكبرُ أبرشيات البلاد من حيث المساحة، لكنها تفتقر إلى الكهنة، وبات المؤمنون الكاثوليك يشعرون بأنهم متروكون. كما أن المنطقة المذكورة تفتقر إلى التعليم الأساسي، نظراً لعدم توفّر الأساتذة، فبات التلامذة يتلقون التعليم من ذويهم. أما الوضع الصحي فيعاني من مشاكل كبيرة، خصوصاً وأن العديد من الأطباء والعاملين الصحيين قرروا النزوح عن المنطقة بسبب تردي الأوضاع الأمنية. وقال نيافته إنه شاهد الفقر والعوز الشديدين مقابلَ الغنى الفاحش الذي يعيش فيه أسياد الحرب بسبب استغلالهم للموارد الطبيعية.

وفي معرض حديثه عن لقائه مع القادة المتمردين قال الكاردينال Nzapalainga إنه بفضل دوره كقائد روحي تسنت له فرصة لقاء زعماء الجماعات المتمردة وتحدث إليهم بكل صراحة. وأضاف أن هذا هو واجبٌ يكتسب أهمية كبيرة نظراً لغياب الدولة في تلك المناطق، موضحاً أن أحد القادة المتمردين عبر له عن نظرته لاتفاقية السلام التي تم التوصل إليها في الخرطوم.

هذا ثم أكد نيافته أنه تأثّر جداً أمام الحماسة التي لمسها وسط السكان المحليين، الذين عبروا عن فرحهم وتضامنهم مع بعضهم البعض على الرغم من الفقر المدقع الذي يعيشون فيه. ولفت أيضاً إلى التناغم الاجتماعي القائم بين المسيحيين والمسلمين الذين اعتادوا على العيش معاً وهم يعبّرون اليوم عن رغبتهم العميقة في العيش معاً بسلام ووفاق. وأكد رئيس أساقفة بانغي أن المستقبل هو في يد الأجيال الناشئة ومن هذا المنطلق لا بد من مساعدة الشبان وتشجيعهم كي يتمكنوا من بناء مستقبل أفضل.

أما فيما يتعلق بالجماعات المسيحية المحلية، فقال الكاردينال Nzapalainga إن هؤلاء الأشخاص ظلوا أوفياء لإيمانهم مشيراً إلى أنهم يترددون إلى الكنيسة يوم الأحد للمشاركة في القداس والصلاة والإصغاء إلى كلمة الله. وأضاف أن المؤمنين غالباً ما ينالون سر التثبيت وهم في سن البلوغ، كما حصل مع مدرّس في السادسة والعشرين من العمر، نال هذا السر الكنسي مع تلاميذه. وكانت لحظةً مؤثرة، خصوصاً وأنه درّس مادة التعليم المسيحي لسنوات طويلة.

وفي رد على سؤال بشأن ما آلت إليه عملية السلام، والاتفاق الذي تم التوقيع عليه في الخرطوم في شهر شباط فبراير الماضي بين الحكومة والجماعات المتمردة، قال نيافته إنه طرح هذا السؤال على جميع القادة المتمردين الذين التقى بهم، وجاءت الأجوبة متفاوتة بين جماعة وأخرى، فقد رأى بعض الزعماء أنه يتعين على الوزراء أن يلتحقوا بصفوف الثوار ويتركوا المناصب الحكومية، فيما اعتبر آخرون أنه ينبغي أن يتم استيعاب المقاتلين في صفوف القوات المسلحة، مع أن هذا الأمر شبه مستحيل. وبانتظار التوصل إلى اتفاق فعلي ونهائي ما يزال زعماء المتمردين يجنون الأرباح المادية الطائلة بسبب استغلالهم للموارد الطبيعية في شمال البلاد، لاسيما الألماس والذهب!

في الختام ذكّر الكاردينال Nzapalainga بكلمات الطوباوي الفرنسي François Libermann الذي أحبّ القارة الأفريقية وكان يشدد على ضرورة الذهاب إلى حيث تتألم الكنيسة وحيث يعيش الأشخاص المتروكون والمقصيون.  

15 مارس 2019, 12:36