بحث

البابا فرنسيس والكاردينال مار بشارة بطرس الراعي البابا فرنسيس والكاردينال مار بشارة بطرس الراعي 

عظة البطريرك الراعي الأحد 16 كانون الأول 2018

مقاصد الله في تاريخ البشر والتي لا تناقض مشاريعنا، بل ترتكز عليها وتكمّلها، كانت محور عظة الكاردينال مار بشارة بطرس الراعي خلال الاحتفال بالقداس الإلهي أمس الأحد.

خلال ترأسه الأحد الاحتفال بالقداس الإلهي تحدث البطريرك الماروني الكاردينال مار بشارة بطرس الراعي في عظته، التي نشرها الموقع الإلكتروني للبطريركية المارونية، عن ملاك الرب الذي تراءى ليوسف في الحلم. وقال غبطة البطريرك: البيان ليوسف في الحلم يكمّل البشارة لمريم. في البشارتين المتكاملتين تنكشف مقاصد الله في تاريخ البشر. هذا الانكشاف يتواصل في كلّ مؤمن ومؤمنة يعيشان على هذه الدنيا باتّحاد روحيّ مع الله، على مثال يوسف ومريم. هذا هو أساس كرامة كلّ إنسان وقيمته، إذ أراده الله معاونًا في تحقيق تاريخ الخلاص. إنّنا نصلّي كي يزيّننا الله بفضيلة الطاعة التي عاشتها مريم بقولها "أنا أمة الرب" (لو 1، 38)، وعاشها يوسف "فاعلا كما أمره ملاك الرب" (متى 1، 25).

أشار الكاردينال الراعي بعد ذلك إلى الاحتفال في الليلة السابقة ببداية تساعيّة الاستعداد لميلاد الفادي الإلهيّ ومخلّص العالم، وتابع: إنّها تذكّرنا بمسيرة الأجيال المنتظِرة عبر أقوال الأنبياء والكتب المقدّسة، مجيء المسيح المخلّص الذي وعد به الله منذ سقوط الإنسان الأوّل، آدم وحوّاء، في الخطيئة، وتشويهه صورة الله فيه (راجع تكوين 15:3). هذه المسيرة تتواصل فينا، فنرجو أن نجعل من التساعيّة مناسبةً لاستعدادٍ روحيٍّ قائمٍ على الصّلاة والتّوبة والمصالحة مع الله والناس، وعلى أعمال المحبّة والرّحمة تجاه العائلات التي يحرمها فقرها والعوز من بهجة الأعياد.

ثم عاد غبطة البطريرك إلى البيان ليوسف مشيرا إلى أنه، كما البشارة لمريم، جاء معدِّلاً لقرارهما ومشروعهما الزواجي، ومكمِّلاً له. وأضاف أن مقاصد الله لا تناقض مشاريعنا، بل ترتكز عليها وتكمّلها، ففي تصميم الله كان دور مريم أن تكون أمًّا ليسوع الذي تجسّد في حشاها بقوّة الرّوح القدس. وكان دور يوسف أن يكون زوجًا وأبًا شرعيًّا، يتولّى بخدمة متفانية حراسة الكنزين: مريم وابنها يسوع. وتابع البطريرك الماروني: مع أنّ مقاصد الله اكتملت في إرساله ابنه الوحيد، فاديًا للإنسان ومخلّصًا للعالم، فإنّها تتواصل من جيل إلى جيل تحقيقًا لثمار الفداء والخلاص في كل من يؤمن. فلا بدّ، والحالة هذه، من أن يترك كلّ واحد وواحدة منّا نافذة منفتحة على الله ليتدخّل في مشاريع حياتنا.

هذا وقال غبطة البطريرك الراعي إن هذا الحديث موجه إلى كلّ صاحب مسؤوليّة في العائلة والمجتمع والكنيسة والدولة، وعلى الأخصّ إلى المسؤولين السياسيّين الذين يعرقلون تأليف الحكومة الجديدة وبالتالي يزيدون الأزمة الاقتصاديّة والماليّة وما يتّصل بهما، حتّى أنّها بلغت حيّز الخطر على البلاد، بالإضافة إلى المزيد من فقر المواطنين وتحطيم آمال الشّبيبة وطموحاتها. ثم أضاف: إفتحوا، أيّها المسؤولون السياسيّون، نافذة ليدخل نور الله إلى عقولكم وقلوبكم، فيخرجها من ظلمة المصالح والتحجّر والبغض، ومن ظلمة الفساد والمكاسب غير المشروعة، ويصلح حياتكم لكي تصلحوا أداءكم لخير لبنان وشعبه ومؤسّساته.

وختم الكاردينال مار بشارة برس الراعي عظته: في مسيرتنا الروحيّة نحو الميلاد، نرفع صلاتنا بالمزمور السادس والعشرين قائلين "وجهك يا ربّ ألتمس"، وهي صلاة ترافقنا كلّ يوم، بحيث نستحضر الله، ونترك جانبًا انشغالاتنا وهمومنا، وندخل في خلوة مع الله، لكي يخاطب قلب كلّ واحد منّا، ويوحي ما يريد. فتتبدّل حياتنا، وتتجدّد بالقيم الروحيّة والإنسانيّة والأخلاقيّة. وتصبح نشيد تسبيح وشكر للثالوث القدّوس، الآب والابن والروح القدس، الآن وإلى الأبد. آمين.

17 ديسمبر 2018, 15:52