البطريرك الماروني الكاردينال مار بشارة بطرس الراعي البطريرك الماروني الكاردينال مار بشارة بطرس الراعي 

رسالة الميلاد للكاردينال مار بشارة بطرس الراعي

السلام بأشكاله، الروحي، الاجتماعي، الثقافي، التربوي، السياسي الاقتصادي والأمني، الكنيسة كصانعة سلام، والدولة وسياسة السلام، هذا ما تحدث عنه البطريرك الماروني الكاردينال مار بشارة بطرس الراعي في رسالة الميلاد 2018.

"عندما وُلد ابن الله إنسانًا في بيت لحم، تحقيقًا لتدبير الخلاص، أنشد الملائكة في سمائها: "المجد لله في العلى، وعلى الأرض السّلام، والرّجاء الصّالح لبني البشر" (لو 14:2). إنّه نشيد من ثلاث كلمات: م وسلام ورجاء. حقّقها الله وسلّمها رسالةً لجميع النّاس". بهذه الكلمات بدأ بطريرك الكنيسة المارونية الكاردينال مار بشارة بطرس الراعي رسالة الميلاد 2018 التي نشرها الموقع الإلكتروني للبطريركية. وواصل متأملا في معنى السلام مذكرا بما كتب البابا القديس يوحنا الثالث والعشرون في الرسالة العامة "سلام على الأرض": أنّ السّلام الحقيقيّ الشّامل والدّائم هو الذي "يتأسّس على الحقيقة، ويُبنى وفقًا للعدالة، وينتعش بالمحبّة، ويتحقّق بالحرّيّة" (الفقرة 89). وأشار غبطة البطريرك بالتالي إلى أن الله هو مصدر السلام وأن كرامة الإنسان مرتبطة بصنع السلام. السلام هو أيضا هدف يتوق إليه كل إنسان وكل جماعة، وتحدث الكاردينال الراعي هنا عن السلام الروحي مع الله والجماعة، والسلام الاجتماعي الذي يتوق إليه الجائع والعطشان والفقير والمريض، والسلام الثقافي والتربوي الذي يتوق إليه الجيل الطالع، والسلام السياسي والاقتصادي والأمني الذي يتوق إليه المواطنون.

توقف غبطة البطريرك بعد ذلك عند الكنيسة كصانعة سلام فقال إنها "تحمل قسطًا وافرًا من صنع السّلام بمحبّتها الرّاعويّة. فروحيًّا، تبني الجماعة على أساس الإيمان والرّجاء والمحبّة، وتتعهّد نقل كلمة الله معلّمة الحقيقة بالكرازة والتّعليم، وتُعنى بتقديس النّفوس عبر توزيع نعمة الأسرار. واجتماعيًّا، تُنشئ مؤسّسات خيريّة، ومدارس، وجامعات، ومستشفيات، ومستوصفات، ومراكز متخصّصة لذوي الاحتياجات من أطفال ومسنّين ومعوَّقين ويتامى، وتسخو في الحفاظ عليها وتطويرها من أجل خدمة أوفر وأشمل. وإنمائيًّا، تساهم في النموّ الاقتصاديّ بتفعيل ممتلكاتها، وتوفير فرص عمل في مؤسّساتها لأكثر عدد ممكن من المواطنين". وأضاف أن الكنيسة تصنع كل ذلك السلام المؤتمنة عليه من المسيح مؤسِّسها، وذكَّر من جهة أخرى بحاجة الكنيسة إلى "التعاون مع الدولة التي من واجبها الأوّل تأمين ما يتوجّب عليها تجاه المواطنين من حقوق أساسيّة هي مصدر سلامهم". وتابع أنّ "السّلام المنتظَر من السّياسة السّليمة هو "الإنماء الإنسانيّ الشّامل الذي هو الاسم الجديد للسّلام"، كما كتب القدّيس البابا بولس السّادس في رسالته العامّة "ترقّي الشّعوب" (الفقرة 87). أجل، "الإنماء هو الطّريق المؤدّي إلى السّلام" (الفقرة83)". ثم توقف غبطته عند ممارسات المسؤولين السياسيين في لبنان السلبية للعمل السياسي والتي أنتجت أزمة اقتصادية واجتماعية ومعيشية خانقة. وطرح الكاردينال الراعي عددا من التساؤلات حول "الخوف من حرب جديدة مع إسرائيل والدولة لا تمتلك أحادية السلطة والسلاح"، وحول "انشغال رجال السياسة بمصالحهم وحصصهم عن حماية دولة العيش المشترك والميثاق"، ودعا إلى تطبيق اتفاق الطائف نصا وروحا.

وختم غبطة البطريرك مار بشارة بطرس الراعي رسالة الميلاد بالدعاء: ""المجد لله في العلى، وعلى الأرض السّلام" (لو 14:2). هذا النّشيد هو نشيدنا اليوم، نشيد كلّ إنسان وشعب. كلّنا مدعوون لتمجيد الله، خالقنا ومخلّصنا ومعيلنا، من خلال صنع السّلام في أرضنا، في العائلة، والمجتمع، والكنيسة، والدّولة، ومن خلال زرع الرّجاء في القلوب. هذا هو دعاؤنا لكم يا أبناء كنيستنا وسائر الكنائس وأبناء وطننا الحبيب، مقيمين فيه وفي المشرق، ومنتشرين في القارّات الخمس. لكم أطيب التّهاني بالميلاد المجيد، وأخلص التّمنيّات بالسّنة الجديدة 2019". 

 

28 ديسمبر 2018, 16:59