الكاردينال لويس روفائيل ساكو بطريرك بابل للكلدان الكاردينال لويس روفائيل ساكو بطريرك بابل للكلدان 

الكاردينال ساكو يوجه رسالة رعوية إلى الشباب في ضوء السينودس الأخير

الشباب والدعوات، رسالة الكنيسة ودور المرأة، هذه من بين أهم القضايا التي تطرق إليها غبطة البطريرك لويس روفائيل ساكو بطريرك بابل للكلدان في رسالة رعوية وجهها إلى الشباب، وذلك بعد مشاركته في الجمعية العامة الخامسة عشرة لسينودس الأساقفة التي انتهت قبل أيام وموضوعها "الشباب، الإيمان وتمييز الدعوات".

"كونوا رسل أخوّة ومحبة وسلام"، هذا عنوان رسالة رعوية وجهها بطريرك بابل للكلدان الكاردينال لويس روفائيل ساكو إلى الشباب الكلداني بشكل خاص والمسيحي العراقي بشكل عام حسب ما ذكر غبطته في تقديم الرسالة، وذلك على ضوء سينودس الأساقفة حول الشباب والذي كان موضوعه "الشباب، الإيمان وتمييز الدعوات". أعرب في بداية الرسالة التي نشر نصها الموقع الإلكتروني لبطريركية بابل للكلدن عن تحيته للشباب وافتخاره بهم لصمودهم أمام التحديات والأزمات المتكررة، وإصرارهم على البقاء والتواصل على الأرض في الداخل، والاحتفاظ بهويتهم وايمانهم وأخلاقهم وتقاليدهم ولغتهم في بلدان الاغتراب. ثم تابع مؤكدا للشباب كون الكنيسة بيتهم، وأضاف أن على الكنيسة أن تخرج من العقلية القديمة، وتغيّر نمط تفكيرها وأشكال رعويتها وأسلوبها. وتوقف هنا عند السينودس الأخير وقال إنه كان أساسا من أجل "خروج الكنيسة" للقاء الشباب (وعبرهم للقاء الناس) في حقيقتهم وواقعهم. وذكّر في هذا السياق بحديث الأب الأقدس في افتتاح السينودس وبما جاء في أداة العمل.

توقف غبطة البطريرك بعد ذلك عند رسالة الكنيسة، وقال إنه يمكن ايجاز رسالة الكنيسة الشاملة في إعلان الانجيل والشهادة، الاحتفال بالليتورجيا، أي الاحتفال بالمسيح الحاضر فيها وفي الجماعة، وخدمة الأخوة. وواصل أن الشباب يريدون أن تكون الكنيسة قريبة منهم وحاضرة بينهم وتحس بهم وتحبهم وتحتضنهم وتدعمهم وتقوي انتماءهم اليها فيعلنوا البشارة الى أقرانهم.

نقطة أخرة توقف عندها الكاردينال ساكو هي الدعوة العامة، وبدأ حديثه هنا بأن كل مسيحي بحكم خلق الله إياه، وبحكم معموديته، مدعو لكي يصير قديساً وسعيداً. يقول البابا القديس بولس السادس: “كل حياة هي دعوة” (تقدم الشعوب، رقم 15). وتتضمن هذه الدعوة الجامعة دعوات خاصة ومحددة كما في الزواج وتربية الأولاد، والتكريس في البتولية. هذه الدعوات هي مسألة حب وعشق إنساني والهي، يأخذ العقل والقلب، ويحرر من الذات، ويؤسس مساراً للحياة بأكملها. ثم عاد إلى سينودس الأساقفة مشيرا إلى تأكيد المشاركين فيه على أن الانطلاقة الأولى للإيمان هي العائلة، المدرسة الأولى والكنيسة المصغرة. وشدد غبطته بالتالي على أهمية تنشئة العائلة المسيحية تنشئة سليمة وعميقة لتعيش سر الزواج وقدسيته، وتربية الأولاد عبر علاقة حب وحنان ناضجة، وحرة ومسؤولة.

وفي حديثه عن الشباب كأعضاء وشركاء في الكنيسة ذكر غبطة البطريرك أن على الرعاة ادماج الشباب في الجماعات الصغيرة، كالأخويات والفرق الرعوية، والجوقات والشماسية، لينعموا بلقاء أشخاص هم شهود للمسيح، يثقون بهم ويرافقونهم. كذلك لتُسند الى الشباب بعض المسؤوليات، وحتى لو أخفقوا "فلا توجد مشكلة في ذلك"، إنما يتعلمون، ويقوّمون مسارهم.

توقفت الرسالة الرعوية بعد ذلك عند الدعوات الخاصة وأكد الكاردينال ساكو هنا أننا اليوم بحاجة ماسة الى دعوات خاصة، الى أشخاص قادرين أن يكرّسوا حياتهم لإعلان الانجيل وخدمة الأخوة، بقناعة تامة وأمانة وحماسة ومحبة وفرح. ويتم تمييز الدعوة واكتشافها من خلال الصلاة واستلهام أنوار الروح القدس وقراءة الكتاب المقدس والإرشاد (المرافقة). كما أن اتـّباع المسيح يتطلب عيش متطلبات الانجيل بجذرية وامانة تامة: "ما مِن أَحَدٍ يَضَعُ يَدَه على المِحراث، ثُمَّ يَلتَفِتُ إِلى الوَراء، يَصلُحُ لِمَلَكوتِ الله" (لوقا 9/ 62). أما بالنسبة إلى الإكليريكيات والأديرة فينبغي التشديد على الحياة الجماعية وفق مبدأ الدير "عائلة واحدة"، بالتناغم والفرح واحترام التعددية في الوحدة.

خصص الكاردينال ساكو بعد ذلك فقرة للحديث عن الشباب والمجتمع، وأكد أنه وفي عالم يعاني من اللاعدالة وعدم تكافؤ الفرص، والبطالة والفقر والعنف والهجرة والتهميش، على الشباب أن ينجذبوا الى العمل الاجتماعي والسياسي وينخرطوا فيه لتحقيق العدالة والمساواة والأخوّة والمحبة والسلام. وأضاف أن الشباب يحتاجون الى معرفة تعليم الكنيسة الاجتماعي، كما عليهم ان يكونوا جسراً للحوار بين الثقافات والديانات وبخاصة المسيحية والإسلامية فيرسخوا العيش المشترك.

هذا وتطرقت الرسالة الرعوية أيضا إلى النساء في الكنيسة، وقال غبطة البطريرك ساكو في هذا السياق إنه قد حان الوقت لمراجعة نظرة الكنيسة حول دور النساء في المجتمع والكنيسة، على أن يتم تقييمه على ضوء المستجدات الثقافية والاجتماعية. وتابع أنه يتوجب على الكنيسة أن تعيد النظر في موقفها واستراتيجيتها تجاه المرأة مستندة الى ثوابت ايمانية.

ثم ختم بطريرك بابل للكلدان الرسالة الرعوية الموجهة إلى الشباب قائلا: وان كنا قد بقينا بمثابة القطيع الصغير في العراق، فما نزال أقوياء "كالخميرة والملح والنور"، ويتوجب علينا من باب أولى أن نرتـّب ذاتنا وبيتنا ونستعدّ جيدًا لمواجهة التحدّيات الحالية والقادمة، بوعي وإيمان وعزم وثقة ورجاء وبرصد الصفوف كفريق واحد. ودعا الشباب الى أن يقرؤوا نص تلميذَي عماوس (لوقا 24/13-35) حيث يسير يسوع معهما، ويصغي ويقتسم. ادعوهم لينضموا الى مسيرتهما بالحماسة نفسها والفرح. 

01 نوفمبر 2018, 11:19